الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الملل والنحل **
ومنهم من قال: موته صحيح والنص لا يرجع قهقري والفائدة في النص بقاء الإمامة في أولاد المنصوص عليه دون غيرهم. فالإمام بعد إسماعيل: محمد ابن إسماعيل. وهؤلاء يقال لهم: المباركية. ثم منهم من وقف على محمد ابن إسماعيل وقال برجعته بعد غيبته. ومنهم من ساق الإمامة في المستورين منهم ثم في الظاهرين القائمين من بعدهم وهم الباطنية وسنذكر مذاهبهم على الإنفراد. و إنما مذهب هذه الفرقة: الوقف على إسماعيل بن جعفر أو محمد بن إسماعيل. والأسماعيلية المشهورة في الفرق منهم هم: الباطنية التعليمية اللذين لهم مقالة مفردة فرقةواحدة قالت بإمامة موسى بن جعفر نصاً عليه بالإسم حيث قال الصادق رضي اللع عنه: سابعكم قائمكم وقيل: أن أولاد الصادق على تفرق: فمن ميت في حال حياة أبيه ولم يعقب ومن مختلف في موته ومن قائم بعد موته مدة يسيرة ومن ميت غير معقب. وكان موسى هو الذي تولى الأمر وقام بعد موت أبيه: رجعوا إليه واجتمعوا عليه مثل: المفضل بن عمر وزرارة بن أعين وعمار الساباطي. وروت الموسوية عن الصادق رضي الله عنه أنه قال لبعض أصحابه: عد الأيام فعدها من الأحد.
حتى بلغ السبت فقال له كم عددت فقال: سبعة: سبت السبوت وشمس الدهور ونور الشهور: من لا يلهو ولا يلعب وهو سابعكم قائمكم هذا وأشار إلى ولده: موسى الكاظم. وقال فيه أيضاً: إنه شبيه بعيسى عليه السلام. ثم إن موسى لما خرج وأظهر الإمامة: حمله هارون الرشيد من المدينة فحبسه عند عيسى بن جعفر ثم أشخصه إلى بغداد فحبسه عند السندي بن شاهك. وقيل: إن يحيى بن خالد بن برمك سمه في رطب فقتله وهو في الحبس. ثم أخرج ودفن في مقابر قريش ببغداد. واختلفت الشيعة بعده: فمنهم من توقف في موته وقال: لا ندري أمات أم لم يمت! ويقال لهم المطمورة سماهم بذلك علي بن إسماعيل فقال: ما أنتم إلا كلاب مطمورة. ومنهم من قطع بموته ويقال لهم القطيعة. ومنهم من توقف الإثنا عشرية إن الذين قطعوا بموت موسى الكاظم بن جعفر الصادق وسموا: قطعية ساقوا الإمامة بعده في أولاده فقالوا: الإمام بعد موسى الكاظم ولده: علي الرضي ومشهده بطوس. ثم بعده: محمد النقي الجواد أيضاً وهو في مقابر قريش ببغداد ثم بعده: علي بن محمد النقي ومشهده بقم. وبعده: الحسن العسكري الزكي. وبعده ابنه: محمد القائم المنتظر الذي هو بسر من رأى وهو الثاني عشر. هذا هو طريق الإثني عشرية في زماننا. إلا أن الاختلافات التي وقعت في حال كل واحد من هؤلاء الإثني عشرية و المنازعات التي جرت بينهم وبين إخوتهم وبني أعمامهم. وجب ذكرها لئلا يشذ عنا مذهب لم نذكره و مقاغلة لم نوردها. فاعلم أن الشيعة من قال بإمامة: أحمد بن موسى بن جعفر دون أخيه: علي الرضي. ومن قال بعلي: شك أولاً في محمد بن علي إذ مات أبوه وهو صغير غير مستحق للإمامة ولا علم عنده بمناهجها. وثبت قوم على إمامته. واختلفوا بعد موته أيضاً: فقال قوم بإمامة موسى بن محمد. وقال قوم آخرون بإمامة: علي بن محمد ويقولون: هو العسكري. واختلفوا بعد موته أيضاً: فقال قوم بإمامة جعفر بن علي وقال قوم بإمامة محمد بن علي وقال قوم بإمامة الحسن بن علي. وكان لهم رئيس يقال له: علي بن فلان الطاحن وكان من أهل الكلام: قوى أسباب جعفر ابن علي وأمال الناس إليه وأعانه فارس بن حاتم بن ماهويه وذلك أن علياً قد مات وخلف الحسن العسكري.
قالوا: امتحنا الحسن فلم نجد عنده علماً ولقبوا من قال بإمامة الحسن: الحمارية وقوموا أمر جعفر بعد موت الحسن واحتجوا بأن الحسن مات بلا خلف فبطلت إمامته ولأنه لم يعقب والإمام لا يموت إلا ويكون له خلف وعقب. وحاز جعفر ميراث الحسن بعد دعاوى ادعاها عليه: أنه فعل ذلك من حبل في جوار أبيه وغيرهم.
وانكشف أمره عند السلطان والرعية وخواص الناس وعوامهم. وتشتت كلمة من قال بإمامة الحسن وتفرقوا أصنافاً كثيرة منهم: الحسن بن علي بن فضال وهو من أجل أصحابهم وفقهائهم كثير الفقه والحديث. ثم قالوا بإمامة جعفر: بعلي بن جعفر وفاطمة بنت علي: أخت جعفر. وقال قوم بإمامة علي بن جعفر دون فاطمة السيدة. ثم اختلفوا بعد موت علي وفاطمة اختلافاً كثيراً. وغلا بعضهم في الإمامة غلواً كأبي الخطاب الأسدي. وأما الذين قالوا بإمامة الحسن فافترقوا بعد موته إحدى عشرة فرقة وليست لهم ألقاب مشهورة ولكنا نذكر أقاويلهم: الفرقة الأولى: قالت: إن الحسن لم يمت وهو: القائم ولا يجوز أن يموت ولا ولد له ظاهراً لأن الأرض لا تخلو من إمام وقد ثبت عندنا: أن القائم له غيبتان وهذه إحدى الغيبتين وسيظهر الثانية: قالت: إن الحسن مات ولكنه يحيا وهو القئم لأنا رأينا أن معنى القائم: هو القيام بعد الموت فنقطع بموت الحسن ولا نشك فيه ولا ولد له فيجب أن يحيا بعد المرت. الثالثة: قالت: إن الحسن قد مات وأوصى إلى جعفر أخيه ورجعت الإمامة إلى جعفر. الرابعة: قالت: إن الحسن قد مات والإمام جعفر وإنا كنا مخطئين في الائتمام به إذ لم يكن إماماً فلما مات ولا عقب له تبينا: أن جعفر كان محقاً في دعواه والحسن مبطلاً. الخامسة: قالت: إن الحسن قد مات: وكنا مخطئين في القول به وإن الإمام كان محمد بن علي أخا الحسن وجعفر ولما ظهر لنا فسق جعفر وإعلانه به وعلمنا أن الجحسن كان على مثل حاله إلا أنه كان يتستر: عرفنا أنهما لم يكونا إمامين فرجعنا إلى محمد ووجدنا له عقباً وعرفنا أنه كان هو الإمام دون أخويه. السادسة: قالت: إن الحسن كان له ابن وليس الأمر على ما ذكروا: أنه مات ولم يعقب بل ولد له ولد قبل وفاة أبيه بسنتين فاستتر خوفاً من جعفر وغيره من الأعداء واسمه محمد وهو: الإمام القائم الحجة المنتظر. السابعة: قالت: إن له إبناً ولكنه ولد بعد موته بثمانية أشهر وقول من ادعى أنه مات وله ابن باطل لا ذلك لو كان لم يخف ولا يجوز مكابرة العيان. الثامنة: قالت: صحت وفاة الحسن وصح أن لا ولد له وبطل ما ادعى: من الحبل في سرية له فثبت أن الإمام بعد الحسن غير موجود وهو جائز في المقولات: أن يرفع الله الحجة عن أهل الأرض لمعاصيهم وهي: فترة وزمان لا إمام فيه والأرض اليوم بلا حجة كما كانت الفترة قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم. التاسعة: قالت: إن الحسن قد مات وصح موته وقد اختلف الناس هذه الاختلافات ولا ندري كيف هو ولا نشك أنه قد ولد له ابن ولا ندري: قبل موته أو بعد موته إلا أنا نعلم يقيناً: أن الأرض لا تخلو من حجة وهو: الخلف الغائب فنحن نتولاه ونتمسك به باسمه حتى يظهر بصورته. العاشرة: قالت: نعلم أن الحسن قد مات ولا بد للناس من إمام فلا تخلو الأرض من حجةن ولا ندري: من ولده أم من ولد غيره الحادية عشرة: فرقة: توقفت في هذا التخابط وقالت: لا ندري على القطع حقيقة الحال لكنا نقطع في الرضي ونقول بإمامته. وفي كل موضع اختلفت الشيعة فيه: فنحن من الواقفة في ذلك إلى أن يظهر الله الحجة ويظهر بصورته فلا يشك في إمامته من أبصره ولا يحتاج إلى معجزة وكرامة وبينة بل معجزته: اتباع الناس بأسرهم إياه من غير منازعة ولا مدافعة. ومن العجب! أنهم قالوا: الغيبة قد امتدت مائتين ونيفاً وخمسين سنة وصاحبنا قال: إن خرج القائم وقد طعن في الأربعين فليس بصاحبكم ولسنا ندري كيف تنقضي مائتان ونيف وخمسون سنة في أربعين سنة!. وإذا سئل القوم عن مدة الغيبة: كيف تتصور قالوا: أليس الخضر وإلياس عليهما السلام يعيشان في الدنيا من آلا السنين لا يحتاجان إلى طعام وشراب فلم لا يجوز ذلك في واحد من إهل البيت قيل لهم: ومع اختلافكم هذا كيف يصح لكم دعوى الغيبة. ثم الخضر عليه السلام ليس مكلفاً بضمان جماعة والإمام عندكم: ضامن مكلفبالهداية والعدل والجماعة مكلفون بالإقتداء به والإستنان بسنته ومن لا يرى كيف يقتدى به. فلهذا صارت الإمامية متمسكين بالعدلية في الأصول وبالمشبهة في الصفات متحيرين تائهين. وبين الإخباريو منهم والكلامية: سيف وتكفير. وكذلك بين التضيلية والوعيدية: قتال وتضليل. أعاذنا الله من الحيرة. ومن العجب! أن القائلين بإمامة النتظر مع هذا الإختلاف العظيم الذي بينت: لا يسحيون فيدعون فيه أحكام الإلوهية ويتأولون قوله تعالى: عليه: " قالوا: هو الإمام المنظر الذي يرد إليه علم الساعة ويدعون فيه أنه لا يغيب عنا وسيخبرنا بأحوالنا حين يحاسب الخلق. إلى تحكمات باردة وكلمات عن العقول شاردة. لقد طفت في تلك المعاهد كلها وسيرت طرفي بين تلك المعالم فلم أر: إلا واضعاً كف حائر على ذقن أوقاعاً سن نادم أسامي الأئمةالإثني عشرية عند الإمامية: المرتضى والمجتبى والشهيد والسجاد والباقر والصادق والكاظم والرضي والتقي والنقي والزكي والحجة القائم المنتظر. هؤلاء هم الذين غالوا في حق أئمتهم حتى أخرجوهم من حدود الخليقية وحكموا فيهم بأحكام الإلهية فربما شبهوا واحداً من الأئمة بالإله و ربما شبهوا الإله بالخلق. وهم على طرفي الغلو والتقصير. وإنما نشأت شبهاتهم من مذاهب الحلولية ومذاهب التناسخية ومذاهب اليهود والنصارى إذ اليهود شبهت الخالق بالخلق والنصارى شبهت الخلق بالخالق. فسرت هذه الشبهات في أذهان الشيعة الغلاة حتى حكمت بأحكام الإلهية في حق بعض الأئمة. وكان التشبيه بالأصل والوضع في الشيعةن وإنما عادت إلى بعض أهل الشنة بعد ذلك وتمكن الإعتزال فيهم لما رأوا أن ذلك أقرب إلى المعقول وأبعد من التشبيه والحلول. وبدع الغلاة محصورة في أربع: التشبيه والبداء والرجعة والتناسخ. ولهم ألقاب وبكل بلد لقب: فيقال لهم بأصبهان: الخرمية والكوذية وبالري: المزدكية والسنباذية وبأذربيجان: الدقولية وبموضع: المحمرة وبما وراء النهر: المبيضة. وهم أحد عشر صنفاً: السبائية أصحاب عبد الله بن سبأ الذي قال لعلي كرم الله وجهه: أنت أنت يعني: أنت الإله فنفاه إلى المدائن. زعموا: أنه كان يهودياً فأسلم وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وصي موسى عليهما السلام مثل ما قال في علي رضي الله عنه. وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه. ومنه انشعبت أصناف الغلاة. زعم ان علياً حي لم يمت ففيه الجزء الإلهي ولا يجوز أن يستولي عليه وهو الذي يجيء في السحاب والرعد صوته والبرق تبسمه: وأنه سينزل إلى الأرض بعد ذلك فيملأ الرض عدلاً كما ملئت جوراً. وإنما أظهر ابن سبا هذه المقالة بعد انتقال علي رضي الله عنه واجتمعت عليع جماعة وهو أول فرقة قالت بالتوقف والغيبة والرجعة وقالت بتناسخ الجزء الإلهي في الأئمة بعد علي رضي الله عنه. قال: وهذا المعنى مما كان يعرفه فيه حين فقأ عين واحد بالحد في الحرم ورفعت القصة إليه: ماذا أقول في يد الله فقأت عينا في حرم الله فأطلق عمر اسم الإلهية عليه لما عرف منه ذلك. الكاملية أصحاب أبي كاملز أكفر جميع الصحابة بتركها بيعة علي رضي الله عنه. وطعن في علي أيضاً بتركه طلب حقه ولم يعذره في القعود قال: وكان عليه أن يخرج ويظهر الحق على أنه غلا في حقه. وكان يقول: الإمامة نور يتناسخ من شخص لى شخص وذلك النور: في شخص يكون نبوة وفي شخص يكون إمامة وربما تتناسخ الإمامة فتصير نبوةز وقال بتناسخ الأرواح وقت الموت. والغلاة على أصنافها كلهم متفقون على: التناسخن والحلول. ولقد كان التناسخ مقالة لفرقة في كل ملة تلقوها من: المجوس المزدكية والهند البرهمية ومن الفلاسفة والصائبة. ومذهبهم: أن الله تعالى قائم بكل زمان ناطق بكل لسان ظاهر في كل شخص من أشخاص البشر وذلك بمعنى الحلول. وقد يكون الحلول بجزء وقد يكون بكل: أما الحلول بجزء فهو كإشراق الشمس في كوة أو كغشراقها على البللور أما الحلول بكل فهو كظهور ملك بشخص أو شيطان بحيوان. ومراتب التناسخ أربع: النسخ والمسخ والفسخ والرسخ. وسيأتي شرح ذلك عند ذكر فرقهم من المجوس على التفصيل. وأعلى المراتب: مرتبة الملكية أو النبوة وأسفل الوراتب: الشيطانية أو الجنية. وهذا أبو كامل كان يقول بالتناسخ ظاهراً من غير تفصيل مذهبهم. العلبائية أصحاب: العلباء بن ذراع الدوسي وقال قوم: هو الأسدي. وكان يفضل علياً على النبي صلى الله عليه وسلم وزعم أنه الذي بعث محمداً يعني علياً وسماه إلهاً. وكان يقول بذم محمد صلى الله عليه وسلم وزعم أنه بعث ليدعو إلى علي فدعا إلى نفسه. ويسمون هذه الفرقة: الذمية. ومنهم من قال بإلهيتهما جميعاً ويقدمون علياً في أحكام إلهية ويسمونهم: العينية. ومنهم من قال: بإلهيتهما جميعاً ويفضلون محمداً في الإلهية ويسمونهم: الميمية. ومنههم من قال بالإلهية لجملة أشخاص أصحاب الكساء: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين. وقالوا خمستهم شيءواحد والروح حالة فيهم بالسوية لا فضل لواحد منهم على الآخر وكرهوا أن يقولوا: فاطمة بالتأنيث بل قالوا: فاطم بلا هاء وفي ذلك يقول بعض شعرائهم: توليت بعد الله في الدين خمسة: نبياً وسبطية وشيخلً وفاطماً. المغيرية أصحاب: المغيرة بن سعيد العجلي. ادعى أن الإمامة بعد محمد بن علي بن الحسين في: محمد النفس الزكية بن عبد الله ابن الحسن بن الحسن الخارج بالمدينة وزعم أنه حي لم يمت. وكان المغيرة مولى لخالد بن عبد الله القسري وادعى الإمامة لنفسه بعد الإمام محمد وبعد ذلك ادعى النبوة لنفسه واستحل المحارم وغلا في حق علي رضي الله عنه غلواً لا يعتقده عاقل. وزاد على ذلك قوله بالتشبيه فقال: إن الله تعالى صورة وجسم ذو أعضاء على مثال حروف الهجاء وصورته صورة رجل من نور على رأسه تاج من نور وله قلب تنبع منه الحكمة. وزعم أن الله تعالى لما أراد خلق العالم تكلم بالأسم الأعظم فطار فوقع على رأسه تاجاً قال: وذلك قوله: سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى. ثم اطلع على أعمال العباد وقد كتبها على كفه فغضب من المعاصي فعرق فاجتمع من عرقه بحران: أحدهما مالح والآخر عذب والمالح مظلم والعذب نير. ثم اطلع في البحر النير فأبصر ظله فانتزع عين ظله فخلق منها الشمس والقمر كله من البحرين فخلق المؤمنون من البحر النير وخلقالكفار من البحر المظلم وخلق ظلال الناس أول ما خلق وأول ما خلق هو ظل محمدج عليه السلام وظل علي قبل خلق ظلال الكل. ثم عرض على السموات والأرض والجبال أن يحملن الأمانة وهي أن يمنعن علي بن أبي طالب من الإمامةن فأبين ذلك ثم عرض ذلك على الناس فأمر عمر بن الخطاب أبا بكر أن يتحمل منعه من ذلك وضمن له أن يعينه على الغدر به على شرط أن يجعل الخلافة له من بعده فقبل منه وأقدما على المنع متظاهرين فذلك قوله تعالى: " وزعم أنه نزل في حق عمر قولع تعالى: " ولما أن قتل المغيرة اختلف أصحابه: فمنهم من قال بانتظاره ورجعته ومنهم من قال بانتظار إمامة: محمد كما كان يقول بانتظاره. وقد قال المغيرة بإمامة أي جعفر محمد بن علي رضي اللع عنهما ثم غلا فيه وقال بإلهيته فتبرأ منه الباقر ولعنه. وقد قال المغيرة لأصحابه: انتظروه فإنه يرجع وجبريل وميكائيل يبايعانه بين الركن والمقام وزعم: أنه يحيي الموتى. المنصورية أصحاب أبي منصور العجلي وهو الذي عزا بنفسه إلى أبي جعفر محمد بن علي الباقر في الأول فلما تبرأ منه الباقر وطرده زعم أنه هو الإمام ودعا الناس إلى نفسه ولما توفي الباقر قال: انتقلت الإمامة غلي وتظاهر بذلك. وخرجت جماعة منهم بالكوفة في بني كندة حتى وقف يوسف بن عمر الثقفي والي العراق في أيام هشام بن عبد الملك علىقصته وخبث دعوته فأخذه وصلبه. زعم أبو منصور العجلي: أن علياً رضي الله عنه هو الكسف الساقط من السماء وربما قال: الكسف الساقط من السماء هو الله تعالى. وزعم حين ادعى الإمامة لنفسه أنه عرج به إلى السماء ورأى معبوده فمسح بيده راسه وقال له: يا بني! أنزل فبلغ عني ثم أهبطه إلى الأرض فهو الكسف الساقط من السماء. وزعم أيضاً: أن الرسل لا تنقطع أبداً والرسالة لا تنقطع. وزعم: أن الجنة رجل أمرنا بموالاته وهو إمام الوقت وأن النار رجل أمرنا بمعاداته وهو خصم الإمام وتأول المحرمات كلها على أسماء رجال أمرنا الله تعالى بمعاداتهم. وتأول الفرائض على أسماء رجال أمرنا بموالاتهم. واستحل بأصحابه: قتل مخالفيهم وأخذ أموالهم واستحلال نسائهم. وهخم صنف من الخرمية. وإنما مقصودهم من حمل الفرائض والمحرمات على أسماء رجال: هو أن من ظفر بذلك الرجل وعرفه فقد سقط عنه التكليف وارتفع الخطاب إذ قد وصل إلى الجنة وبلغ الكمال. ومما أبدعه العجلي أنه قال: إن أول ما خلق الله تعالى هو عيسى ابن مريم عليه السلام ثم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. الخطابية أصحاب ابي الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع مولى بني أسد وهو الذي عزا نفسه إلى أبي عبد الله جعفر ابم محمد الصادق رضي الله عنهن فلما وقف الصادق على غلوه الباطل في حقه: تبرأ منه ولعنه وأمر أصحابه بالبراءة منه وشدد القول في ذلكن وبالغ في التبري منهن واللعن إليه فلما اعتزل عنه ادعى الإمامة لنفسه. زعم أبو الخطاب: أن الأئمة أنبياء ثم آلهةن وقال بإلهية جعفر بن محمد وإلهية ىبائه رضي اللع عنهم وهم أبناء الله وأحباؤه. والإلهية نور في النبوة والنبوة نور في الإمانة ولا يخلو العالم من هذه الآثار والأنوارز وزعم أن جعفراً هو الإله في زمانه وليس هو المحسوس الذي يرونه ولكن لما نزل إلى هذا العالم: لبس تلك الصورة فرآه الناس فيها. ولما توقف عيسى بن موسى صاحب المنصور عى خبث دعوته: قتله بسبخة الكوفة. وافترقت الخطابية بعدة فرقاً: فزعمت فرقة: أن الإمام بعد أبي الخطاب رجل يقال له: معمر ودانوا به كما دانوا بأبي الخطاب. وزعموا أن الدنيا لا تفنى وأن الجنة هي التي تصيب الناس من خير ونعمة وعافية وأن النار: هي التي تصيب الناس من شر ومشقة وبلية. واستحلوا: الخمر والزنا وسائر المحرمات. ودانوا بترك الصلاة والفرئض وتسمى هذه الفرقة المعمرية. وزعمت طائفة: أن الإمام بعد أبي الخطاب: بزيغ. وكان يزعم: أن جعفراً هو الإله أي ظهر الإله بصورته للخلق. وزعم: أن كل مؤمن يوحى إليه من الله و تأول قول الله تعالى: " وزعم: أن من أصحابه من هو أقضل من جبريل وميكائيل. و زعم: أن الإنسان إذل بلغ الكمال لا يقال له: إنه قد مات: ولكن الواحد منهم إذا بلغ النهاية قيل: رجع إلى الملكوت. وادعوا كلهم معاينة أمواتهم وزعموا أنهم يرونهم: بكرة ةوعشياً. وتسمى هذه الطائفة: البزيغية. وزعمت طائفة: أن الإمام بعد أبي الخطاب: عمير بن بيان العجلي وقالوا: كما قالت الطائفة الأولى إلا أنهم اعترفوا بأنهم يموتون وكانوا قد نصبوا خيمة بكناسة الكوفة يجتمعون فيها على عبادة الصادق رضي الله عنهح فرفع خبرهم إلى يزيد بن عمر بن هبيرة فأخذ عميراً فصلبه في كناسة الكوفة. وتسمى هذه الطائفة: العجليةن والعميرية أيضاً. وزعمت طائفة: أن الإمام بعد أبي الخطاب مفضل الصيرفي. وكانوا يقولون بربوبية جعفر دون نبوته ورسالته. وتسمى هذه الفرقة المفضلية. وتبرأ من هؤلاء لكهم جعفر بن محمد لصادق رضي الله عنه وطردهم ولعنهم فإن القوم كلهم: حيارى ضالون جاهلون بحال الأئمة تائهون. الكيالية أتباع: أحمد بن الكيال وكان من دعاة واحد من أهل البيت بعد جعفر بن محمد الصادق وأظنه منالأئمة المستورين. ولعله سمع كلمات علمية برأيه الفائل وفكره العاطلن وأبدع مقالة في كل باب علمي على قاعدة غير مسموعة ولا معقولة وربما عاند الحس في بعض المواضع. ولما وقفوا على بدعته: تبرءوا منه ولعنوه وأمروا شيعتهم بمنابذته وترك مخالطته. ولما عرف الكيال ذلك منهم: صرف الدعوة إلى نفسه وادعى الإمامة أولاً ثم ادعى أنه القائم ثانياً. وكان من مذهبه: أن كل من قدر الآفاق على الأنفس وأمكنه أن يبين مناهج العالمين أعني: عالم الآفاق وهو العالم العلوين وعالم الأنفس وهو العالم السفلي. كان هو: الإمام وأن كل من قرر الكل في ذاته وأمكنه أن يبين كل كلي في شخصه المعين الجزئي. كان هو: القائم. قال: ولم يوجد في زمن من الأزمان أحد يقرر هذا التقرير إلا: أحمد الكيال فكان هو: القائم. وإنما قتله من انتمى إليه أولاً على بدعته ذلك: أنه هو الإمام ثم القائم وبقيت من مقالته في العالم تصانيف عربية وأعجمية كلها: مزخرفة مردودة: شرعاً وعقلاً. قال الكيال: العوالم ثلاثة: العالم الأعلى والعالم الأدنى والعالم الإنساني. وأثبت في العالم الأعلى خمسة أماكن: الأول: مكان الأماكن وهو مكان فارغ لا يسكنه موجود ولا يدبره روحاني مكان النفس الأعلى ودونه: مكان النفس الناطقة ودونه: مكان النفس الحيوانية ودونه: مكان النفس الإنسانية. قال: وأرادت النفس الإنسانية الصعود إلى عالم النفس الأعلى فصعدتن وخرقت المكانين اعني: الحيوانية والناطقة فلما قربت من الوصول إلى عالم النفس الأعلى: كلت وانحسرت وتحيرت وتعفنتن واستحالت أجزاؤها. فأهبطت إلى العالم السفلي ومضت عليها أكوار وأدوار و هي في تلك الحالة من العفونة والاستحالة ثم ساحت عليها النفس الأعلى وأفاضت عليها من أنوارهاجزءاً فحدثت التراكيب في هذا العالم وحدثت: السماوات والأرض والمركبات: من المعادن والنبات والحيوان والإنسان ووقعت في بلايا هذا التركيب: تارة سروراً وتارة غماً وتارة فرحاً وتارة ترحاً وطوروا سلامة وعافية وطوراً بلية ومحنة. حتى يظهر: القائم ويردها إلى حال الكمال وتنحل التراكيب وتبطل المتضادات ويظهر الروحاني على الجسماني وما ذلك القائم إلا: أحمد الكيال. ثم دل على تعيين ذاته بأضعف ما يتصور وأوهى ما يقدر وهو أن اسم أحمد مطابق للعوالم الأربعة: فالألف من اسمه في مقابلة النفس الأعلى والحاء في مقابلة النفس الناطقة والميم في مقابلة النفس الحيوانية والدال في مقابلة النفس الإنسانية. قال: والعوالم الأربعة هي المبادىء ثم أثبت في مقابلة العوالم العلوية: العالم السفلي الجسماني قال: فالسماء خالية في مقابلة مكان الأماكن ودونها النار ودونها الهواء ودونه الأرض ودونها الماء. وهذه الأربعة في مقابلة العوالم الأربعة. ثم قال: الإنسان في مقابلة النار والطائر في مقابلة الهواء والحيوان في مقابلة الأرض والحوت في مقابلة الماء وكذلك ما في معناه. فجعل مركز الماء أسفل المراكز والحوت أخس المركبات. ثم قابل العالم الإنساني الذي هو أحد الثلاثة وهو عالم الأنفس مع آفاق العالمين الأولين: الروحاني والجسماني قال: الحواس المركبة فيه خمس: فالسمع: في مقابلة: مكان الأماكن: إذ هو فارغ وفي مقابلة السماء. والبصر: في مقابلة: النفس الأعلى من الروحاني وفي مقابلة النار من الجسماني وفيه إنسان العين لأن الإنسان مختص بالنار. والشم: في مقابلة: الناطق من الروحاني والهواء من الجسماني لأن الشم من الهواء: يتروح ويتنشم. والذوق: في مقابلة: الحيواني من الروحاني والأرض من الجسمانين والحيوان مختص بالأرض واللمس: في مقابلة: الإنساني من الروحاني والماء من الجسماني والحوت مختص بالماء واللمس بالحوت. وربما عبر عن اللمس بالكتابة. ثم قال: أحمد هو: ألف وحاء وميم ودال وهو في مقابلة العالمين: أما في مقابلة العالم العلوي الروحاني فقد ذكرناه. وأما في مقابلة العالم السفلي الجسماني فالألف تدل على الإنسان والحاء تدل على الحيوان والميم على الطائر والدال على الحوت فالألف من حيث استقامة القامة: كالإنسان والحاء: كالحيوان لأنه معوج منكوس ولأن الحاء من إبتداء اسم الحيوان والميم: تشبه رأس الطائر والدال: تشبه ذنب الحوت. ثم قال: إن الباري تعالى إنما خلق الإنسان على شكل اسم: أحمد: فالقامة: مثل الألف واليدان: مثل الحاء والبطن: مثل الميم والرجلان: مثل الدال. ثم من العجب أنه قال: إن الأنبياء هم قادة أهل التقليد وأهل التقليد عميان. والقائم قائد أهل الصيرة وأهل البصيرة أولوا الألباب وإنما سحصلون البصائر بمقابلة فكيف يرضى أن يعتقدها! وأعجب من هذا كله: تأويلاته الفاسدة ومقابلاته بين الفرائض الشرعية والأحكام الدينية وبين موجودات عالمي الآفاق والأنفس. واعاؤه أنه منفرد بها. وكيف يصح له ذلك وقد سبقه كثير من أهل العلم بتقرير ذلك لا على الوجه المزيف الذي قرره الكيال وحمله الميزان على العالمين والصراط على نفسه والجنة على الوصول إلى علمع من البصائر والنار على الوصول إلى ما يضاده! ولما كانت أصول علمه ماذكرناه: فانظر كيف يكون حال الفروع! الهشامية أصحاب: الهشامين: هشام بن الحكم صاحب المقالة في التشبيه وهشام بن سالم الجواليقي الذي نسج على منواله في التشبيه. وكان هشام بن الحكم من متكلمي الشيعة وجرت بينه وبين أبي هذيل مناظرات في علم الكلام: منها في التشبيه ومنها في تعلق علم الباري تعالى. حكى ابن الرواندي عن هشام أنه قال: إن بين معبوده وبين الأجسام تشابهاً ما بوجه من الوجوه ولولا ذلك لما دلت عليه. وحكى الكعبي عنه أنه قال: هو جسم ذو أبعاض له قددر من الأقدار ولكن لا يشبه شيئاً من المخلوقات ولا يشبهه شيء. ونقل عنه أنه قال: هو: سبعة أشبار بشبر نفسه وأنه في مكان مخصوص وجهة مخصوصة وأنه يتحرك وحركته فعله وليست من مكان إلى مكان. وقال: هو متناه بالذات غير متناه بالقدرة. وحكى عنه أبو عيسى الوراق أنه قال: إن الله تعالى مماس لعرشه لا يفضل منه شيء عن العرش ولا يفضل من العرش شيء عنه. ومن مذهب هشام انه قال: لم يزل الباري تعالى عالماً بنفسه ويعلم الأشياء بعد كونها بعلم: لا يقال فيه: إنه محدث أو قديم لأنه صفة والصفة لا توصف ولا يقال فيه: هو هو أو غيره أو بعضه. وليس قوله في القدرة والحياة كقوله في العلم إلا أنه لا يقول بحدوثهما. قال: ويريد الأشياء وإرادته حركة: ليست هي عين الله ولا هي غيره. وقال في كلام الباري تعالى: إنه صفة الباري تعالى ولا يجوز أن يقال: هو مخلوق أو غير مخلوق. وقال: الأعراض لا تصلح ان تكون دلالة على الله تعالى لأن منها ما يثبت استدلالاً وما يستدل على الباري تعالى يجب أن يكون ضروري الوجود لا استدلالياً. وقال: الاستطاعة: كل ما لا يكون الفعل إلا به: كالآلات والجوارح والوقت والمكان. وقال هشام بن سالم إنه تعالى على صورة إنسان: أعلاه مجوف وأسفله مصمت وهو نور ساطع يتلألأ وله حواس خمس ويد ورجل وأنف وأدذن وعين وفم وله وفرة سوداء: هي نور أسود لكنه ليس بلحم ولا دم. وقال هشام بن سالم: الاستطاعة بعض المستطيع. وقد نقل عنه: أنه أجاز المعصية على الأنبياء مع قوله بعصمة الأئمة. ويفرق بينهما بأن النبي يوحى إليه فينبه على وجه الخطأ فيتوب منه والإمام لا يوحى إليه فتجب عصمته. وغلا هشام بن الحكم في حق علي رضي الله عنه حتى قال: إنه إله واجب الطاعة. وهذا هشام بن الحكم صاحب عور في الأصول لا يجوز أن يغفل عن إلزاماته على المعتزلة فإن الرجل وراء ما يلزم به على الخصم ودون ما يظهره من التشبيه. وذلك انه ألزم الغلاف فقال: إنك تقول: الباري تعالى عالم بعلم وعلمه ذاته فيشارك المحدثات في أنه عالم بعلم ويباينها في أن علمه ذاته فيكون عالماً لا كالعالمين فلم لا تقول: إنه جسم لا كالأجسام وصورة لا كالصور وله قدر لا كالأقدار. إلى غير ذلك ووافقه زرارة بن أعين في حدوث علم اللع تعالى وزاد عليه بحدوث: قدرته وحياته و سائر صفاته وإنه لم يكن قبل حدوث هذه الصفات: عالماً ولا قادراً ولا حياً ولا سميعاً ولا بصيراً ولا مريداً ولا متكلماً. وكان يقول بإمامة عبد الله بن جعفر فلما فاوضه في مسائل ولم يجده بها ملياً رجع إلى موسى بن جعفر وقيل أيضاً: غنه لم يقل بإمامته إلا أنه أشار إلى المصحف وقال: هذا إمامي وإنه كان قد التوى على عبد الله بن جعفر بعض الإلتواء. وحكى عن الزرارية: أن المعرفة ضرورية وأنه لا يسع جهل الأئمة فإن معارفهم كلها فطرية ضرورية وكل ما يعرفه غيرهم بالنظر فهو عندهم أولي ضروري وفطرياتهم لا يدركها غيرهم. النعمانية أصحاب: محمد بن النعمان أبي جعفر الأحول الملقب بشيطان الطاق: وهم: الشيطانية أيضاً. والشيعت تقول: هو مؤمن الطاق. وهو تلميذ الباقر: محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنهم وأفضى إليه أسراراً من أحواله وعلومه. وما يحكى عنه في التشبيه فهو غير صحيح. قيل: وافق هشام بن الحكم في أن الله تعالى لا يعلم شيئاً حتى يكون. قال محمد بن النعمان: إن الله عالم في نفسه ليس بجاهل ولكنه إنما يعلم الأشياء إذا قدرها وأرادها فأما من قبل أن يقدرها ويريدها فمحال أن يعلمها لا لأنه ليس بعالم ولكن الشيء لا يكون شيئاً حتى يقدره وينشئه بالتقدير والتقدير عنده: الإرادة والإرادة: فعله تعالى. وقال: إن الله تعالى نور على صورة إنسان رباني ونفى أن يكون جسماً لكنه قال: قد ورد في الخبر: إن الله خلق آدم على صورته وعلى صورة الرحمن فلا بد من تصديق الخبر. ويحكى عن مقاتل بن سليمان: مثل مقالته في الصورة. وكذلك يحكى عن: داود الجواربي ونعيم بن حماد المصري وغيرهما من أصحاب الحديث: أنه تعالى ذو صورة وأعضاء. ويحكى عن داود أنه قال: اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عما وراء ذلك فإن في الأخبار ما يثبت ذلك. وقد صنف ابن النعمان كتبأ جمة للشيعة منها افعل لم فعلت و: منها افعل لا تفعل ويذكر فيها: أن كبار الفرق أربعة: الفرقة الأولى عنده: القدرية الفرقة الثانية عنده: الخوارج الفرقة الثالثة عنده: العامة الفرقة الرابعة عنده: الشيعة. ثم عين الشيعة بالنجاة في الآخرة من هذه الفرق. وذكر عن هشام بن سالم ومحمد بن النعمان: أنهما أمسكا عن الكلام في الله ورويا عمن يوجبان تصديقه: أنه سئل عن قول الله تعالى: " هذا نقل الوراق. ومن جملة الشيعة: اليونسية أصحاب: يونس بن عبد الرحمن القمي مولى آل يقطين. زعم أن الملائكة تحمل العرش والعرش يحمل الرب تعالى إذ قد ورد في الخبر: أن الملائكة تئط أحياناً من وطأة عظمة الله تعالى على العرش. وهو من مشبهة الشيعة وقد صنف لهم كتباً في ذلك. النصيرية والإسحاقية من جملة غلاة الشيعة ولهم جماعة ينصرون مذهبهم ويذبون عن أصحاب مقالاتهم وبينهم خلاف في كيفية إطلاق الإلهية على الأئمة من أهل البيت. قالوا: ظهور الروحاني بالجسد الجسماني أمر لا ينكره عاقل: أما في جانب الخير فكظهور جبريل عليه السلام ببعض الأشخاص والتصور بصورة أعرابي والتمثل بصورة البشر. وأما في جانب الشر فكظهور الشيطان بصورة إنسان حتى يعمل الشر بصورته وظهور الجن بصورة بشر حتى يتكلم بلسانه. فكذلك نقول: إن الله تعالى ظهر بصورة أشخاص. ولما لم يكن بعد رشول الله صلى الله عليه وسلم شخص أفضل من علي رضي الله عنه وبعده أولاده المخصوصون وهم خير البرية فظهر الحق بصورتهم ونطق بلسانهم وأخذ بأيديهم فعن هذا أطلقنا اسم الإلهية عليهم. وإنما أثبتنا هذا الإختصاص لعلي رضي الله عنه دون غيره لأنه كان مخصوصاً بتأييد غلهي من عند الله تعالى فيما يتعلق بباطن الأسرار. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أنا أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ". و عن هذا كان قتال المشركين إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقتال المنافقين إلى علي رضي الله عنه.
وعن هذا: شبهه بعيسى بن مريم عليه السلام فقال صلى الله عليه وسلم: لولا أن يقول الناس فيك ما قالوا في عيسى بن مريم عليه السلام: لقلت فيك مقالاً. وربما أثبتوا له شركة في الرسالة إذ قال النبي عليه السلام: " فيكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله ألا وهو خاصف النعل ". فعلم التأويل وقتال المنافقين ومكالمة الجن وقلع باب خيبر لا بقوة جسدانية: من أدل الدليل على أن فيه جزءاً إلهياً وقوة ربانية. ويمون هو الذي ظهر الإله بصورته وخلق بيديه وأمر بلسانه وعن هذا قالوا: كان موجوداً قبل خلق السموات والأرض. قال: كنا أظله على يمين العرش فسبحنا فسبحت الملائكة بتسبيحنا فتلك الظلال وتلك الصور التي تنبىء عن الظلال: هي حقيقته وهي مشرقة بنور الرب تعالى إشراقاً لا ينفصل عنها سواء كانت في هذا العالمن أو في ذلك العالم. وعن هذا: قال علي رضي اللع عنه: أنا من أحمد كالضوء من الضوء يعني: لا فرق بين النورين إلا أن أحدهما سابق والثاني لا حق به تال له. قالوا: وهذا يدل على نوع من الشركة. فالنصيرية: أميل إلى تقرير: الجزء الإلهي. ولهم اختلافات كثيرة أخر: لا نذكرها. وقد أنجزت الفرق الإسلامية وما بقيت إلا فرقة البطنية وقد أوردهم أصحاب التصانيف في كتب المقالات: إما خارجة عن الفرق وإما داخلة فيها. وبالجملة: هم قوم يخالفون الإثنتين والسبعين فرقة. رجال الشيعة ومصنفي كتبهم من المحدثين: فمنالزيدية أبو خالد الواسطي ومنصمور بن الأسود وهارون بن سعد العجلي. جارودية. ووكيع بن الجراح ويحيى بن آدم وعبيد الله بن موسى وعلي بن صالح والفضل بن دكين وأبو حنيفة. بترية. و خرج محمد بن عجلان مع محمد الإمام. وخرج: إبراهين بن سعيد وعباد بن عوام ويزيد بن هارةون والعلاء ابن ؤاشد وهشيم بن بشير والعوام بن حوشب ومستلم بن سعيد مع إبراهيم الإمامة. ومن الإمامية وسائر أصناف الشيعة سالم بن أبي الجعد وسالم ابن أبي حفصة وسلمة بن كهيل وثوير بن أبي فاختة وحبيب بن أبي ثابت وأبو المقدام وشعبة والأعمش وجابر الجعفي وأبو عبد الله الجدلي وأبو غسحاق السبيعي والمغيرة وطاووس والشعبي وعلقمة وهبيرةابن بريم وحبة العرني والحارث الأعور. ومن مؤلفي كتبهم: هشام بن الحكم وعلي بن منصور ويونس ابن عبد الرحمن والشكال والفضل بن شاذان والحسين بن إشكاب ومحمد بن عبد الرحمن وابن قبة وأبو سهل النوبختي وأحمد بن يحيى الرواندي. ومن المتأخرين: أبو جعفر الطوسي. الإسماعيلية قد ذكرنا أن الإسماعيلية امتازت عن الموسوية وعن الإثني عشرية بإثبات الإمامة لإسماعيل بن جعفر وهو ابنه الأكبر المنصوص عليه في بدء الأمر. قالوا: لم يتزوج الصادق رضي الله عنه على أمه بواحدة من النساء ولا تسري بجارية كسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حق خديجة رضي الله عنها وكسنة علي رضي الله عنه في حق فاطمة رضي الله عنها. وقد ذكرنا: اختلافاتهم في موته في حال حياة أبيه: فمنهم من قال: إنه مات وإنما فائدة النص عليه: انتقال الإمامة منه إلى أولاده خاصة كما نص موسى على هارون عليهما السللام ثم مات هارون في حال حياة أخيه. وإنما فائدة النص انتقال الإمامة منه إلى أولاده فإن النص لا يرجع قهقرى والقول بالبداء محال ولا ينص الإمام على واحد من أولاده إلا بعد السماع من آبائه والتعيين لا يجوز على الإبهام والجهالة. ومنهم من قال: إنه لم يمت ولكنه أظهر موته تقية عليه حتى لا يقصد بالقتل ولهذا القول دلالات: منها أن محمداً كان صغيراً وهو أخوه لأمه مضى إلى السرير الذي كان إسماعيل نائماً عليه ورفع الملاءة فأبصره وقد فتح عينيه فعاد إلى أبيه مفزعاً وقال: عاش أخي عاش أخي. . . قال والده: إن أولاد الرسول عليه السلام كذا تكون حالهم في الآخرة. قالوا ومنها السبب في الإشهاد على موته وكتب المحضر عليه ولم نعهد ميتاً سجل على موته وعن هذا: لما رفع إلى المنصور: أن إسماعيل بن جعفر رئي بالبصرة وقد مر على مقعد فدعا له فبرىء بإذن الله تعالى: بعث المنصور إلى الصادق: أن إسماعيل بن جعفر في الأحياء وأنه رئي بالبصرة: أنفذ السجل إليه وعليه شهادة عاملة بالمدينة. قالوا: وبعد إسماعيل محمد بن إسماعيل السا بع التام وإنما تم دور السبعة به ثم ابتدى منه بالأئمة المستورين الذين كانوا يسيرون في البلاد سراً. ويظهرون الدعاة جهراً. قالوا: ولن تخلو الأرض قط من إمام حي قائم: إما ظاهر مكشوف وإما باطن مستور. فإذا كان الإمام ظاهراً جاز أن يكون حجته مستوراً. وإذا كان الإمام مستوراً فلا بد أن يكون حجته ودعاته ظاهرين. وقالو إن الأمة تدور أحكامهم على سبعة سبعة: كأيام الأسبوع والسموات السبع والكواكب السبعة والنقباء تدور أحكامهم على إثني عشر. قالوا: وعن هذا وقعت الشبهة للإمامية القطعية حيث قرروا عدد النقباء للأئمة. ثم بعد الأئمة المستورين كان ظهور المهدي بالله والقائم بأمر الله وأولادهم: نصاً بعد نص على إمام بعد إمام. ومن مذهبهم: أن من مات ولم يعرف إمام زمانه: مات ميتة جاهلية. وكذلك من مات ولم يكن في عنقه بيعة إمام مات ميتة جاهلية. ولهم دعوة في كل زمانن ومقالة جديدة بكل لسان. فتذكر مقالاتهم القديمة ونذكر بعدها دعوة صاحب الدعوة الجديدة. وأشهر ألقابهم الباطنية وإنما لزمهم هذا اللقب لحطمهم لأن: لكل ظاهر باطناً ولكل تنزيل تأويلاً. ولهم ألقاب كثيرة سوى هذه على لسان قوم قوم: فبالعراق يسمون: الباطنيةن والقرامطة والمزدكية وبخراسان التعليمية والملحدة ثم إن الباطنية القديمة قد خلطوا كلامهم ببعض كلام الفلاسفة وصنفوا كتبهم على هذا المنهاج. فقالوا في الباري تعالى: إنا لا نقول: هو موجود ولا لا موجود ولا عالم ولا جاهل ولا قادر ولا عاجز. وكذلك في جميع الصفات فإن الإثبات الحقيقي يقتضي شركة بينه وبين سائر الموجودات في الجه التي أطلقناها عليه وذلك تشبيه فلم يمكن الحكم بالإثبات المطلق بل هو: إله المتقابلين وخالق المتخاصمينن والحاكم بين المتضادين. ونقلوا في هذا نصاً عن محمد بن علي بن الباقر انه قال: لما وهب العلم للعالمين قيل: هو عالمن ولما وهب القدرة للقادرين قيل: قو قادر فهو: عالمن قادر بمعنى أنه وهب العلم والقدرة لا بمعنى أنه قام به العلم والقدرةن أو وصف بالعلم والقدرة. فقيل فيهم: إنهم نفاة الصفات حقيقة معطلة الذات عن جميع الصفات. وكذلك نقول في القدم: إنه ليس بقديم ولا محدث بل القديم: أمرهن وكلمتهن والمحدث: خلقه وفطرته. لأبدع بالأمر العقل الأول الذي هو تام بالفعلن ثم بتوسطه أبدع النفس التاي الذي هو غير تام. ونسبة النفس إلى العقل: إما نسبة النطفة إلى تمام الخلقة والبيض إلى الطير وإما نسبة الولد إلى الوالدن والنتيجة إلى المنتج وإما نسبة الذكر إلى الانثى والزوج إلى الزوج. قالوا: ولما اشتاقت النفس إلى كمال العقل احتاجت إلى حركة من النقص إلى الكمال واحتاجت الحركة إلى آلة الحركة فحدثت الأفلاك السماوية وتحركت حركة استقامة بتدبير النفس أيضاً فتركبت المركبات: من المعادن والنبات والحيوان والإنسان واتصلت النفوس الجزئية بالأبدان. وكان من نوع الإنسان متميزاً عن سائر الموجودات بالإستعداد الخاص لفيض تلك الأنوار وكان عالمه في مقابلة العالم كله. وفي العالم العلوي: عقل ونفس كلي فوجب أن يكون في هذا العالم: عقل مشخص هو كل وحكمه حكم الشخص الكامل البالغ ويسمونه: الناطق. المتوجه إلى الكمال أو حكم النطفة المتوجهة إلى التمام أو حكم الأنثى المزدوجة بالذكر ويسمونه: الأساس. وهو الوصي. قالوا: وكما تحركت الأفلاك والطبائع بتحريك النفس والعقلح كذلك تحركت النفوس والاشخاص بالشرائع بتحريك النبي والوصي في كل زمان دائراً على سبعة سبعة حتى ينتهي إلى الدور الأخير ويدخل زمان القيامةن وترتفع التكاليف وتضمحل السنن والشرائع. وإنما هذه الحركات الفلكية والسنن الشرعية لتبلغ النفس إلى حال كمالها وكمالها: بلوغها إلى درجة العقل و اتحادها به ووصولها إلى مرتبته فعلاًح وذلك هو القيامة الكبرى. فتنحل تراكيب الأفالك والعناصر والمركبات وتنشق السماء وتتناثر الكواكب وتبدل الأرض غير الأرض وتطوى السماء كطي السجل للكتاب المرقوم وفيه يحاسب الخلق ويتميز الخير عن الشر والمطيع عن العاصين وتتصل جزئيات الحق بالنفس الكلي وجزيئات الباطل بالشيطان المضل المبطل. فمن وقت الحركة لى وقت السكون: هو المبدأ ومن وقت السكون إلى ما لا نهاية له: هو الكمال ثم قالوا: ما من فريضة وسنة وحكم من الأحكام الشرعية: من بيع وإجارةن وهبة ونكاح وطلاق وجراح وقصاص ودية. إلا وله وزان من العالم: عدداً في مقابلة عدد وحكماً في كطابقة حكم فإن الشرائع عوالم روحانية أمرية والوالم شرائع جسمانية خلقية. وكذلك التركيبات في الحروف والكلمات: على وزان التركيبات في الصور والأجسام والحروف المفردة نسبتها إلى المركبات من الكلمات: كالبسائط المجردة إلى المركبات من الأجسام. ولكل حرف: وزان في العالم وطبيعة يخصها وتأثير من حيث تلك الخاصية في النفوس. فعن هذا صارت العلوم المستفادة من الكلمات التعليمية غذاء للنفوس كما صارت الأغذية المستفادة من الطبائع الخلقية غذاء للابدان وقد قدر الله تعالى: أن يكون غذاء كل موجود مما خلق منه فعلى هذا الوزن صاروا إلى: ذكر أعداد الكلمات والآيات وأن التسمية مركبة من سبعة وإثني عشر وأن التهليل مركب من أربع كلمات في إحدى الشهادتين وثلاث كلمات في الشهادة الثانية وسبع قطع في الأولى وست في الثانية وإثني عشر حرفاً في الأولى وإثني عشر حرفاً في الثانية. وكذلك في كل آية أمكنهم استخراج ذلك مما لا يعمل العاقل فكرته فيه إلا ويعجز عن ذلك خوفاً من مقابلته بضدهز وهذه المقابلات كانت طريقة أسلافهم قد صنفوا فيها كتباً. ودعوا الناس إلى إمام في كل زمان: يعرف موازنات هذه العلوم ويهتدي إلى مدارج هذه الأوضاع والرسوم. ثم إن أصحاب الدعوة الجديدة: تنكبوا هذه الطريقة حين أظهر الحسن بن محمد بن الصباح دعوته وقصر على الإلزامات كلمته واستظهر بالرجال وتحصن بالقلاع. وكان بدء صعوده على قلعة: ألموت في شهر شعبان سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة وذلك بعد أن هاجر إلى بلاد إمامة وتلقى منه كيفية الدعوى لأبناء زمانه. فعاد ودعا الناس أول دعوة إلى تعيين: إمام صادق قائم في كل زمان وتمييز الفرقة الناجية عن سائر الفرق بهذه النكتة وهي: أن لهم إماماً وليس لغيرهم إمام. وإنما تعود خلاصة كلامه بعد ترديد القول فيه: عوداً على بدء بالعربية والعجمية إلى هذا الحرف. ونحن ننقل ماكتبه بالعجمية إلى العربية. ولا معاب على الناقل والموفق من اتبع الحق واجتنب فنبدأ بالفصول الأربعة التي ابتدأ بها دعوته وكتبها عجمية فعربتها: الأول: قال: للمفتي في معرفت اللع تعالى أحد قولين: إما أن يقول: أعرف الباري تعالى بمجرد العقل والنظر من غير احتياج إلى تعليم معلم وإما أن يقول: لا طريق إلى المعرفة مع العقل والنظر إلا بتعليم معلم قال: و من أفتى بالأول فليس له الإنكار على عقل غيره ونظره فإنه متى أنكر فقد علم والإنكار تعليم ودليل على أن المنكر عليه محتاج إلى غيره. قال: والقسمان ضروريان لأن الإنسان إذا أفتى بفتوى أو قال قولاً فإما أن يقول من نفسه أو من غيره وكذلك إذا اعتقد عقداً: فإما أن يعتقده من نفسه أو من غيره. هذا هو الفصل الأول وهو كسر على: أصحاب الرأي والعقل. وذكر في الفصل الثاني: أنه إذا ثبت الإحتياج إلى معلم أفيصلح كل معلم على الإطلاق أم لا بد من معلم صادق. قال: ومن قال: إنه يصلح كل معلم ما ساغ له الإنكار على معلم خصمه وإذا أنكر فقد سلم أنه لا بد من معلم صادق معتمد. قيل: وهذا كسر على: أصحاب الحديث. وذكر في الفصل الثالث: أنه إذا ثبت الإحتياج إلى معلم صادق أفلا بد من معرفة المعلم أولاً والظفر به ثم التعلم منه أم جاز التعلم من كل معلم من غير تعيين شخصه وتبيين صدقه والثاني رجوع إلى الأول. ومن لن يمكنه سلوك الطريق إلا بمقدم ورفيق فالرفيق ثم الطريق. وهو وذكر في الفصل الرابع أن الناس فرقتان فرقة قالت: نحن نحتاج في معرفة الباري تعالى إلى معلم صادق ويجب تعيينه وتشخيصه أولاً ثم التعلم منه. وفرقة أخذت في كل علم من معلم وغير معلم. وقد تبين بالمقدمات السابقة: أن الحق مع الفرقة الأولى فرئيسهم يجب أن يكون رئيس المحقين وإذ تبين ان الباطل مع الفرقة الثانية فرؤساؤهم يجب أن يكونوا رؤساء المبطلين. قال: وهذه الطريقة هي التي عرفنا بها المحق بالحق معرفة مجملة ثم نعرف بعد ذلك الحق بالمحق معرفة مفصلة حتى لا يلزم دوران المسائل. وإنما عنى بالحه ههما: الإحتياج وبالمحق المحتاج إليه. وقال: بالإحتياج عرفنا الإمام وبالإمام عرفنا مقادير الإحتياج كما بالجواز عرفنا الوجوب أي واجب الوجود وبه عرفنا مقادير الجواز في الجائزات. قال: والطريق إلى التوحيد كذلك حذو القذة بالقذة. ثم ذكر فصولاً في تقرير مذهبه: إما تمهيداً وإما كسراً على المذاهب وأكثرها: كسر وإلزامن واستدلال بالإختلاف على البطلان وبالإتفاق على الحق. منها فصل الحق والباطل: الصغيرن والكبير يذكر أن في العالم حقاً وباطلاًز ثم يذكر أن علامة الحق هي الوحدة وعلامة الباطل هي الكثرة. وأن الوحدة مع التعليم والكثرة مع الرأي. والتعليم مع الجماعة والجماعة مع الإمام. والرأي في الفرق المختلفة وهي مع رؤسائهم. وجعل الحق والباطل والتشابه بينهما من وجه والتمايز بينهما من وجه والتضاد في الطرفين والترتب فيأحد الطرفين. ميزاناً يزن به جميع ما يتكلم فيه. قال: وإنما أنشأت هذا الميزان من كلمة الشهادة وتركيبها منالنفي والإثبات حق. ووزن بذلك: الخير والشر والصدق والكذب. وسائر المتضادات. ونكتته: أن يرجع في كل مقالة وكلمة إلى إثبات المعلم وأن التوحيد هو: التوحيد والنبوة معاً حتى يكون توحيداً وأن النبوة هي: النبوة والإمامة معاً حتى تكون نبوة. وهذا هو منتهى كلامه. وقد منع العوام عن الخوض في العلوم وكذلك الخواص عن مطالعة الكتب المتقدمة إلا من عرف: كيفية الحال في كل كتاب ودرجة الرجال في كل علم. ولم يتعد بأصحابه في الإلهيات عن قوله: إن إلهنا إله محمد. قال: وأنتم تقولون: إلهنا إله العقول أي: ما هدى غليه عقل كل عاقل. فإن قيل لواحد منهم: ما تقول في الباري تعالى وأنه هل هو: واحد أم كثير عالم أم لا قادر أم لا. لم يجب إلا بهذا القدر: إن إلهي: إله محمد وهو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون والرسول هو الهادي إليه. وكم قد ناظرت القوم على المقدمات المذكورة فلم يتخطوا عن قولهم: أفنحتاج إليك أو وكم قد ساهلت القوم في الإحتياج وقلت: أين المحتاج إليه وأي شيء يقرر لي في الإهيات وماذا يرسم لي في المقولات. إذ المعلم لا يعنى لعينه وإنما يعنى ليعلم وقد سددتم باب العلم وفتحتم باب التسليم والتقليد وليس يرضى عاقل بأن يعتقد مذهباً على غير بصيرة وأن يسلك طريقً من غير بينة. وإن كانت: مبادىء الكلام تحكيمات وعوقبها تسليمات فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما.
|